الحزن على محمود درويش الفلسطيني

الشاعر محمود درويش القامة والهامة: ندوة ثقافية تأبينية في جامعة الأزهر بغزة

-الغربال-

نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الأزهر بغزة, ندوة ثقافية تحت عنوان محمود درويش.. القامة والهامة, بحضور الأستاذ الدكتور جواد وادي رئيس الجامعة, الدكتور محمد صلاح أبو حميدة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية, والأستاذ طلال عوكل عضو مجلس الأمناء, والأستاذ إبراهيم أبو النجا عضو المجلس الثوري لحركة فتح والأستاذ عبد الله الحوراني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, وحشد كبير من أساتذة الجامعة والأدباء والمهتمين, وذلك في قاعة المؤتمرات بمبنى الكتيبة, حيث تم خلال الندوة التطرق إلى تجربة الشاعر محمود درويش ومسيرته الشعرية الغنية التي حملت الهموم والآمال الفلسطينية وشكلت حالة خاصة في النسيج الثقافي الفلسطيني والعربي.



وقد أدار الندوة الأستاذ الدكتور صادق أبو سليمان الذي تحدث في بداية الندوة عن أثر غياب محمود درويش والخسارة الفادحة التي مني بها الشعب الفلسطيني برحيل هذا الشاعر الكبير حيث تحدث عن مناقب محمود درويش الشعرية والوطنية واهم المراحل التي واكبت تجربة هذا الشاعر. وعن دور جامعة الأزهر في التفاعل مع مثل هذه المناسبات قال د. سليمان: دأبت جامعةُ الأزهرِ الوطنية على الاحتفاءِ بالإبداعِ الفلسطينيِّ، ممثلاً في مواهبَ شابةٍ انطلقت تشدو على منابرها، وبأعلامٍ دعتهم إليها، أو كتبت عنهم المباحثَ والرسائل العلمية، من أمثال أحمد دحبور وإميل حبيبي وعبد الكريم السبعاوي وعلي هاشم رشيد ومحمد حسيب القاضي ومعين بسيسو وغيرِهم.

لذا فليس غريباً من هذه الجامعةِ- وهي الفلسطينيةُ المنبتِ والهوى- أنْ تحتفيَ بمحمود درويش: شاعرِ الوطن والقضية، وعميد الشعر العربي المعاصر كما يحلو لي نعتُه، فتختصَّه بمحتَفَلين عامين:الأول- محتفَلُ هذه الندوة الذي تمثلونه بحضوركم في هذا اليوم, والآخر- مؤتمرٌ علميٌّ كبيرٌ لدراسةِ أعمال الشاعر محمود درويش الدراسةَ الأكاديميةَ المتأنية، وسندعو الباحثين في الجامعات المحليةِ والعربيةِ وغيرها للمشاركةِ في أعماله.

وتابع د. أبو سليمان:لستُ مغالياً إذا ما قلت: إننا خسرْنا في درويشٍ شاعراً مُبْدعاً تمكّنَ بافتنانٍ من أنْ يجعلَ شعرَهُ معادلاً موضوعياً للقضية الوطنيةِ، تحدّثَ عن وطنهِ فلسطينَ حديثَ العاشقِ عنها ولها: عيونُكِ شَوْكَةٌ في القلبِ توجِعُنيْ... وَأَعْبُدُها وكنتِ حديقتي، وأنا غريبُ الدّارِ أدقُّ البابَ يا قلبيْ على قلبي.

والجدير بالذكر أن الأستاذ الدكتور صادق أبو سليمان قام بإلقاء قصيدة كتبها عن محمود درويش، بعنوان:محمود درويش القامة والهامة.

ثم تحدث الدكتور أبو حميدة مرحباً بجميع الحضور بهذه المناسبة, مؤكداً أن جامعة الأزهر ستظل وفية لأبنائها ولأهلها ولإعلام الفكر والإبداع من أبناء شعبنا الصابر.

وتطرق د. أبو حميدة خلال كلمته إلى أهم المزايا التي تميز بها شعر محمود درويش وارتباطه بقضايا شعبه حيث اعتبره من ابرز الشعراء الفلسطينيين والعرب ارتباطاً بالقضية وحمل على عاتقه عبء التعبير عن معاناة شعبه وطموحاته وظلت علاقاته بشعبه ووطنه علاقة متوهجة ومتقدة لم تنطفئ جذوتها حتى بعد رحيله, وتابع: لقد ترك نتاجاً شعرياً غزيراً يفيض بمشاعر العشق والحب والانتماء للعروبة والوطن.

وأكد د. أبو حميدة حضور درويش رغم رحيله وقال:" لقد رحل عنا درويش بجسده لكنه بقي حيا في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال القادمة حياً برؤيته الشمولية بحبه للإنسان وكرهه للقتل والاستعباد بحبه للأرض وكرهه للمنفى واللجوء, لافتاً إلى أن لدرويش في شعره طعماً خاصاً لا يخالطه شاعر أو مبدع سواء في أسلوبه أو معانيه أو صوره أو صياغة جمله وتراكيبه أو استخدامه لرموزه الشعرية أو ضبط إيقاعاته ألموسيقيه لقد طعم شعره برموز انتشلها من عمق التراث الإنساني, وأضاف أبو حميدة أن درويش لا يؤمن بالسكون ولا يعرف نقطة للنهاية بل هو في حركة ديناميكية متواصلة لا يصل إلى نقطة يرسمها لنفسه حتى يبادر بتجاوزها.

من جانبه استذكر عبد الله الحوراني رفيق درب الشاعر محمود درويش بعض المواقف والمحطات المهمة التي بلورت أفكار واتجاهات شاعرنا الكبير والتجربة التي تفرد بها درويش الذي يرحل في قمة العطاء وفي ذروة الحالة الشعرية التي لا تعرف التوقف, معتبراً هذا الرحيل المدوي لشاعر الوطن والشعب والقضية والمشروع الوطني الذي حملت مضامين قصائده أوجاع وهموم الشعب الفلسطيني.

وانتقد الحوراني الكتابات المشبوهة المسيئة إلى الشاعر درويش وتجربته والتي تحاول النيل منه حتى وهو ميت, وقد اعتبر في كلمته رحيل درويش نكبة جديدة تضاف إلى سلسلة النكبات المؤلمة التي مرت وتمر على الشعب الفلسطيني وخصوصاً أن الشاعر الراحل شكل طيلة مسيرته نموذجاً وعنواناً للثقافة الوطنية الديمقراطية والتقدمية وهو يحمل المشروع الثقافي منتصراً للخطاب الثقافي وجبهة الثقافة.

بدوره اعتبر الدكتور عبد الهادي أبو سمرة أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر رحيل الشاعر الكبير محمود درويش انتكاسة كبيرة تعرض لها المشروع الثقافي الفلسطيني الذي كان محمود درويش احد أهم وابرز أركانه، مثمناً هذا الوفاء الكبير للشاعر الراحل من قبل الشعب الفلسطيني بمختلف اتجاهاته وشرائحه الاجتماعية.

وأكد أبو سمرة أن جامعة الأزهر ومعها كل المثقفين الفلسطينيين ستظل وفية لإرث ونتاج محمود درويش حتى تظل نبراساً للثقافة الوطنية.



من جانبه تحدث الأستاذ الدكتور حماد أبو شاويش بتوسع حول التجربة الشعرية لمحمود درويش وما أنجزه محمود درويش في ميدان الشعر والنثر مستعرضاً ابرز المحطات في شعر درويش والتي واكبت محطات النضال الفلسطيني حيث شكل درويش كاريزما شعرية لها خصوصيتها وتفردها وقد استطاع أن يتبوأ مكانة كونية في شعره حيث ترجمت أشعاره إلى معظم اللغات الحية على مستوى العالم، وتحدث أبو شاويش عن أثر غياب محمود درويش على المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي والدولي.

وفي نهاية الندوة قدمت مداخلات من قبل الحضور أغنت الندوة, وأكدت الدور الكبير الذي تقوم به جامعة الأزهر في التواصل مع مجتمعها وجمهورها الداخلي و الخارجي.