وكاله معا- رام الله "أريد أن أصرخ في وجه العالم لأقول لهم ان عندي أما استثنائية.. جبارة.. ومقاومة".
وجه الاسير سعيد العتبة "أبو الحكم" عميد الأسرى والمعتقلين عضو اللجنة المركزية للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" رسالة الى والدته من خلف قضبان سجن عسقلان بمناسبة عيد الأم فيما يلي نصها:
تحية عطرة وبعد،،
لأول مرة يا أمي الحبيبة أحتار في اختيار كلماتي التي تخرج من خلف القضبان وعبر الأسلاك الشائكة ورغم المسافات البعيدة لأقول لك في هذا اليوم وكل يوم كل عام وأنت أمي الحبيبة وأقبل أياديك الطاهرة عبر الأثير..
دائما يا أمي أنتظر مشاعري التي تتكلم عن كل نساء العالم الا أنت: رسائلي وكلماتي، لك، أرسلها بمشاعر مختلفة؛ ضاربا بعرض الحائط كل القوانين والأنظمة.. لأن كلماتي تنحني بصمت أمامك.
أمي الحنونة..
اسمحي لي أن أصفك بهذه الكلمات؛ فأنت ملاكي وأنت بريق الشمس الذي لا أستطيع الا الرضوخ والركوع أمام أشعتك الحادة... كلمة أمي هذه ليست مقاما أورده لجزاء منك؛ أو لتصفية حسابات عذبتك بها.. لا وألف لا؛ فأنا قطرة من بحر عطائك الذي لا ينتهي.. قلبك الحنون الذي يأسرني بكل الحب.
عذرا يا أمي الحبيبة؛ فأنا لم أعطك حقك مثلما أعطيتني حقي في ليلة سهر وعذاب واحدة منذ طفولتي ولغاية الآن مقابل دموع سكبتها عيونك الجميلتين في ظلمات الليل وأشعة النهار؛ فلم أنس كل ذلك طوال فترة اعتقالي الطويلة وأعلم بذلك ولا تعلمين.. فأنا متأكد أنك تخافين على مشاعري.
لا يا أمي الحبيبة؛ فأنا لن أوفيك حقك على متابعتك ومراقبتك لكل أحوالي وأحداثي..أريد أن أخبر جميع الناس؛ بل أصرخ في وجه العالم لأقول لهم ان عندي أما استثنائية.. جبارة.. ومقاومة؛ لأنها أفنت سني عمرها من أجل حريتي؛ فهي الوحيدة والأكيدة التي تطالب بحريتي من السجن والسجان؛ لتغمرني بعطفها وحنانها؛ وكأني طفل أتربع في حضنها.
أمي الحبيبة..
لقد أطفأت كل شموع العالم وأهلكت حياتك وصحتك من أجل أن أفوز بالحرية.. لا أعرف بماذا أكرمك.. صدقا أنا أستمد قوتي منك، وأستمد الأمل والايمان من خلالك.. وأنتزع الابتسامة عن شفاهك الباهتة لأرسلها لك مرة أخرى عبر نبضات قلبك الحنون.
أنت يا أمي؛ بل يا سيدتي المناضلة..الرائعة.. أزعل عليك لأني أرهقتك في زيارتي الى السجن وقطع المسافات الطويلة.. وأسأل نفسي: كل ذلك تفعلينه دون كلل أو ملل.. دون حساب أو جزاء..أو ثناء مني..تتهافتين على رؤيتي رغم الحواجز والجدران.. عبر أسلاك الهاتف تودين سماع صوتي وأنيني: فماذا أهديك يا أمي الغالية؟؟؟
كل ما أستطيع أن أهديك يا أمي في هذا اليوم وكل يوم هو تقبيل أياديك الطاهرة وجبينك الذي تملؤه التجاعيد بقبلة حانية..أهديك يا أمي فرحتي بيوم الحرية التي طال انتظارها للقياك وضمك الى صدري.. أنا حزين بآلامي وآمالي التي لم تتحقق لغاية الآن وبما فعلت وما سأفعله وما لم أستطع أن أفعله.
عذرا يا أمي هذا قدري.. لقد أهلكت صحتك وتفكيرك في.. أتذكرك وأنت تقفين خلف شباك الزيارة تلوحين لي بيديك والدموع تترقرق في عينيك.. وأنا أدقق النظر فيك خوفا عليك وأرد عليك التحية بنفس الموقف علي أن ألقاك في القريب العاجل؛ فأنا يا أمي أستمد الأمل منك وأتذكر أنك حملت بي في أحشائك تسعة أشهر قاسية؛ بل ثلاثين عاما قاسيات وبدأت بالعام الواحد والثلاثين ولم يحن بعد المخاض للانطلاق للحرية.. في عيدك يا أمي أكرمك وأدعو لك بالصحة والعافية؛ أدعو الى الله سبحانه وتعالى أن ألقاك في القريب العاجل..
أخيرا وليس آخرا يا أمي: كل يوم هو ميلاد لك لأن حبي لك يسكن قلبي وجفوني التي لا تنام الا بذكرك وتذكارك لأن حبك يسري في عروقي وشراييني وهذه العاطفة أنا محروم منها..وليس بامكان سنوات اعتقالي أن تعطيك جزءا منها.
يكفي في عيدك يا أمي أن تكوني أنت الحبيبة والرفيقة المتربعة على عرش قلبي وأدعو الله أن تكون الجنة تحت أقدامك الطاهرة فالله وحده سبحانه وتعالى قادر على أن يجازيك على حنانك وحبك وعطائك وتضحياتك التي لا تعد ولا تحصى.. وعلى كل فضائلك التي لا تعرف الحدود.
في النهاية اليك كل الحب وكل الأماني الممزوجة بالحرقة ولوعة الفراق والى لقاء قريب ان شاء الله وكل التحية والقبلات لك يا أمي الحبيبة وكل عام وأنت حبيبتي لتضميني وأضمك الى صدري..لأرتوي بحنانك وأعيش لحظات طفولة جديدة لأني حرمت منها طويلا.
ابنك البار
سعيد ( أبو الحكم )
سجن عسقلان